الكوكب الجنة

موضوع: الكوكب الجنة السبت نوفمبر 07, 2009 2:41 pm

ألف فدان فوق سطح المريخ بخمسة عشر دولارا
قرأ الإعلان المعلق أمام مقر جمعية ارتياد الفضاء ، ثم غمغم وسعل وبصق وراح يلحق بزميله الذي سبقه بعدة خطوات ، وضع يده فوق كتفه وهو يقول:

- تصور .. ألف فدان فوق سطح المريخ بخمسة عشر دولارا .. ؟ !

- تقصد ذلك الإعلان .. نصابون .. محتالون .. محاولة جديدة لابتزاز الأموال.

من شرفة بالطابق الثالث بمقر الجمعية وقف رجل ينظر ، ثم استدار محدثا زميله الذي كان منشغلا بتدوين بعض الأشياء :

- هذا عاشر رجل يقرأ الإعلان ثم ينصرف محتجا عليه ..

- معه حق .. فمن يصدق أن ألف فدان على المريخ أو في أي مكان بخمسة عشر دولارا

توجه إليه وهو يصيح مندهشا :

- أمرك عجيب يا دكتور حامد .. لماذا علقت الإعلان إذن ؟

ضحك حامد ثم توجه نحو صديقه خالد البشري رائد الفضاء الذي قام بالعديد من الرحلات الفضائية الهامة وقال :

- يا صديقي كل ما يهمنا أن يقرأ الناس الإعلان حتى لو لم يصدقوه ، ويوما بعد يوم سيصبح هذا الإعلان حديث الناس ، وستراهم يتوافدون هنا ليستطلعوا الخبر ويتأكدوا من صحته .. فأحاديث الناس يا خالد سواء كانوا معنا أو ضدنا جزء من الحملة الدعائية للمشروع ..

- مشروع . أي مشروع ؟ إنني لا أرى مشروعا من أصله ؟

- سوف أقول لك .

ثم قاده نحو نموذج للكون يحتل جزءا من حجرة مكتبه الواسعة وأضاف :

- أنت تعلم طبعا أن إجراء أبحاث لدراسة إمكانية الحياة على المريخ يحتاج إلى أموال طائلة وميزانيات ضخمة ، قد تتجاوز إمكانيات الحكومات . لذلك كان لابد من مساهمة كل فرد في المجتمع في هذا المشروع الذي سوف يخدم البشرية كلها . لهذا فكرت في فكرة بيع أراض على المريخ ومن ثمن البيع سوف نجري أبحاثنا .

رمقه خالد بطرف عينيه وهو يسأله :

- معنى هذا ليس هناك سفر للمريخ ؟

رد الدكتور حامد ببساطة :

- طبعا لا .

- وليس هناك بيع أراض على المريخ ؟

- كيف نبيع أراض على المريخ ونحن لا نملكها أصلا . وكما تعلم أننا مازلنا في فترة الأبحاث .

بدا الضيق على وجه خالد وقال :

- اسمح لي يا دكتور حامد هذه تعتبر عملية نصب .

شعر الدكتور حامد أن خالد قد تجاوز حدوده ، فمهما كانت الصداقة التي تربطهما منذ تخرجا معا من الأكاديمية الفضائية العليا . فيجب ألا ينسى أنه رئيس المشروع القومي لارتياد الفضاء ، وصاح بحدة :

- خالد . ما هذا الذي تقوله ؟

أحس خالد بنبرة الضيق والانفعال في لهجة الدكتور حامد فأسرع يقول معتذرا :

- أنا آسف يا دكتور حامد . لكن كيف تبيع للناس شيئا ليس موجودا أصلا . تماما كالذي يبيع الترام أو العتبة الخضراء ؟

تخلى حامد عن نبرته الجادة وأسرع يقول بلهجة مرحة ليزيل بعض الفتور الذي نما بينهما :

- إننا لم نضحك على أحد يا حبيبي . ولم نضربهم على أيديهم . من لا يعجبه لا يشتري ثم إن هذه الأبحاث العلمية محتاجة لمساهمة البشر كلهم لأنها في النهاية سوف تعود عليهم بالخير .

- أي خير يا دكتور . إنهم متصورون أنهم مسافرون المريخ غدا .

- غدا أو بعد مائة سنة . المهم الفكرة موجودة .

- والناس يا دكتور ؟

- الناس يا خالد مسعورون . غير راضين بواقعهم. يبحثون عن شيء جديد.. فالسفر إلى المريخ وارتياده والعيش على سطحه هو الحلم الذي يراود الناس منذ مئات السنين وغدا ستجد طابورا ضخما من المشترين ، جميعهم يطلبون شراء آلاف الأفدنة على المريخ .. وطبقا لنظرية العرض والطلب سنضطر إلى زيادة السعر ..

» أنقذوا هذا الكوكب
» تعقيب على المجموعة القصصية أنقذوا هذا الكوكب كتبه الأستاذ محمد معاطي