بدار عاشق الديار

وقف بدار على شاطئ نهر النيل العظيم ممسكا بعصاته التي ينتقل بها من مكان لمكان ومعه ثعبانه دليل المعرفة والحكمة . راح يبكي ويصيح في الناس :

- أنصت يا قلبي وانع تلك الأرض التي منها نشأت .. لقد أصبحت تلك البلاد خرابا فلا من يهتم بها ولا من يتكلم عنها ولا من يذرف الدمع عليها ، فأية حال تلك التي عليها البلاد ؟ .. لقد حجبت الشمس فلا تضيء حتى يبصر الناس .. وأصبح نيل مصر جافا بسبب تعطيل أعمال الري العظيمة حتى يمكن للإنسان أن يخوضه بقدميه ، وكل طيب قد اختفى في هذا البلد وطمع الأعداء بها من إغريق وفرس ، فالابن عدو لأبيه والأخ خصم لأخيه والمالك صار محتاجا والغريب في غنى وترف .

يسكت قليلا وهو ينظر إلى صفحة النهر ويصيح بصوت قوي ترتعش له الأبدان :

- إني أرى جيشا عظيما قادما من الشرق سيجتاح البلاد ، فيهدد استقرار هذه الأسرة العظيمة التي حكمت ما يقرب من مائة وخمسين سنة فيقتلون أبناءها وينهبون ثرواتها .. ويذهبون بأمنها واستقرارها ..

يضربون أكفهم دهشة وخوفا فنبوءات بدار دائما تتحقق وحكاياته صادقة .. يصيح الناس في هلع وقد أخذهم الرعب والخوف مما سيحل بمصر من خراب ودمار :

- والعمل يا حكيم الزمان ؟

يرسم على وجهه ابتسامة أمل وراح يقول :

- سيأتي ملك عظيم من بينكم تربى في أحضان هذا الشعب العريق ونشأ على عاداته وتقاليده وأخلاقه ، فيوحد البلاد ويعيد إليها مجدها وسينشر السلام في الأرضين ، وسيتم على يديه إنقاذ البلاد من الفوضى التي تعانيها مصر منذ زمن بعيد ، عندما سيأتي ذلك الملك العظيم سيحبه أهل مصر لأنه سيخمد الفتنة وسيقتل بسيفه الأعداء ، الثوار سيستمعون لنصائحه والعصاة سيرون بطشه وستسود العدالة ويبتعد الظلم إلى الأبد ..

» بدار عاشق الديار
» بدار عاشق الديار *المساء ـ في 5/1/2008م.