- هذا الفص يغريني ..
- يغريني أكثر الخاتم الذي يحمل الفص .. إنهما يساويان على الأقل عشرين ألفا أو تزيد
- وهذه الحقيبة الراقدة بجانبه داخل السيارة .. تراها محشوة برزم من أوراق البنكنوت .
- هذا صحيح .. لقد رأيت الصراف اليوم وهو يرصها له في الحقيبة حتى امتلأت عن آخرها ..
- كل هذا سوف نحصل عليه بعد لحظات قلائل ..
كانا يراقبان الرجل وهو يقود سيارته المرسيدس الفارهة ، بينما كانا يستقلان دراجتهما البخارية ، وعندما اقتربا منه همس أحدهما في أذن صاحبه الذي يقود الدراجة :
- عندما نصبح خارج المدينة ويخلو الطريق من المارة . حاول أن تتجاوز سيارته بقليل ، ثم انحرف يمينا في اتجاهه ، وحينما يتوقف دع الباقي علي ..
أوقف الرجل محرك سيارته فجأة وهو يصيح في انفعال :
- أما مجانين .. هل تنويان الانتحار ؟
اندفع أحدهما نحو الرجل جذبه بقوة ، ثم هوى على رأسه بمفتاح كبير كان معه .. وقع الرجل على الأرض جثة هامدة بينما أسرع الآخر إلى الحقيبة التي في السيارة .. اتجه صاحبه إلى الرجل الملقى على الأرض يأخذ كل ما يستطيع أخذه .. الخاتم الثمين .. النظارة ذات الإطارات الذهبية .. الساعة .. الولاعة .. القلم الأبنوس .. وما تبقى من نقود " فكة " كانت معه .. عاد الآخر وهو يحمل الحقيبة ووقف ينظر إلى الرجل الملقى على الأرض .. هزه صاحبه :
- هيا بنا ..
أخذ الآخر نفسا عميقا وهو يقول :
- ليس بعد .. فلنجرده من ملابسه .. الجاكت الذي يرتديه من قماش غالي الثمن والبنطلون أيضا ..
بعد أن انتهيا .. وقف الآخر ينظر إلى الرجل بنهم وشراهة .. جذبه صاحبه من يده وهو يصيح :
- مالك تنظر إلى الرجل هكذا .. ما الذي تنوي أخذه أكثر مما أخذنا .. دعه وهيا بنا قبل أن يفتضح أمرنا ..
نهره الآخر في عنف وهو يصيح :
- أسكت يا أبله .. ستظل طول عمرك لصا غبيا تجري وراء النقود والذهب ، فالنقود قيمتها الشرائية تتغير من وقت لآخر، والذهب لم يعد له قيمة الآن ..
- لا أفهم ما تعنيه ..
- ليس ضروريا أن تفهم .. احمله معي داخل السيارة ، ثم افتح صندوق العدة الملحق بدراجتنا وهات منه الحقيبة السوداء ..
في دقائق قليلة كان الرجل المسكين مترنحا داخل سيارته ، متصلا به جهاز لشفط الدم بينما وقف الآخر وعلى شفتيه ابتسامة واسعة :
- من حسن الحظ أن الرجل مازال حيا وإلا ما استطعنا أن نأخذ دمه ..
صاح صاحبه بانفعال :
- وما شأننا بدمه وشحمه .. فلنهرب بدمنا نحن أفضل من أن نفقده على حبل المشنقة ..
ضحك الآخر وهو يعلق في سخرية :
- نقطة دم واحدة تساوي حياة مريض ، فضلا عن ثمنها الخرافي .. احسب عدد أكياس الدم التي سنحصل عليها من جسد هذا الرجل واضرب في 400 أو 500 سوف تساوي بالميت ...
قاطعه صاحبه :
- دعك من الميت وأخبرني .. هل تنوي أخذ شيء آخر ؟
- بالطبع .. سنأخذ كل شيء . الآن أصبحت للميت قيمة تفوق قيمته وهو حي .. إن أمامنا ثروة لا تقدر بثمن .. فبعد أن نفك الزبون سيدخل سوق الأعضاء ليباع كل عضو على حدة، فيدخل في أجساد أخرى تمشي على الأرض ، وبذلك يضيع أثر جريمتنا بين الناس ، فالأحياء صاروا مقابر لموتاهم ..
نظر له صاحبه في اشمئزاز قائلا :
- إنني أتعجب لك .. أليس لك قلب ؟
صاح الآخر وقد بدأ يفتح جسد الرجل :
- بالطبع لي قلب ولكنه ليس قلبي .. بل قلب صديق لي اختلفنا ذات يوم على خمسة جنيهات فشققت صدره وأخرجت قلبه ثم استبدلته بقلبي الموعوك ..
نظر له صاحبه في رعب وهو يقول :
- أ إلى هذه الدرجة .. بعت صديقك من أجل خمسة جنيهات ؟
أومأ الآخر وهو يستخرج قلب الرجل :
- وأبيع أبي من أجل جنيه واحد ..
ارتعد صاحبه في مكانه وهو يردد :
- ماذا ستفعل بي إذن ؟
ضحك الآخر وراح يربت على ذراع صاحبه مطمئنا :
- لا تخف يا صديقي فأنت ذراعي اليمين ..
تحسس صاحبه ذراعه الأيمن في خوف وهو يعض على شفتيه في حسرة :
- ذراعي اليمين .. من تكون ؟
أجابه الآخر وهو يحتفظ بالأعضاء الخارجة من جسد الرجل في قنينات وأكياس خاصة :
- أنا يا صديقي إنسان آخر غيري حكمت عليه الظروف أن يتكون من أجساد الناس ..
صاح صاحبه مازحا :
- تقصد أنك تجميع ولست من صنع بلادك ..
أجابه الآخر وهو يستخرج كبد الرجل ويحتفظ به في قنينته :
- ومن منا صنع بلاده ؟ .. الدماء التي تجري في عروقنا ليست دماءنا .. الأكباد التي بداخلنا ليست أكبادنا .. أعضاؤنا الداخلية ليست ملكنا .. نحن في سوق حرة نباع ونشترى دون أن ندري .. والحاذق منا من يفهم اللعبة ويدخل فيها .
قال هذا وهو يضع آخر قطعة من جسد الرجل في قنينتها ، ثم أخذ نفسا عميقا وقال :
- ها أنا انتهيت .. هيا بنا ..
كان صاحبه منشغلا بالنظر في الخاتم الذي خلعه من يد الرجل ووضعه في إصبعه ، وراح يدعك فصه ويقول :
- هذا الفص يغريني ..
نظر له الآخر في شراهة ، وأمسك بالسكين في يده واندفع نحوصاحبه وهو يقول :
- يغريني أكثر الجسد الذي يحمل الفص ..