صدر حديثا عن دار صرح رواية "عفاريت ترانزيت" ..
من الرواية:
أحاطني الصمت من كل جانب، وياله من صمت.. فللصمت دويٌّ يصم الآذان أشبه بقرع المقارع، وخُيّل إليَّ أن عفاريتًا تجوس في الخارج سوف تقتحم عليَّ المكان في أي لحظة.. تساءلتُ وأنا منكمشٌ في فراشي.. ما شكلهم؟.. ما طبيعتهم؟.. هل لهم لغة يتحدثون بها؟..
وتذكّرت أن العفريت ليس بالسَّذاجة حتى يكشف لي عن وجهه المرعب ليقول لي.. ها أنا ذا عفريتك، وسوف أتسلّى بك حتى الصباح.. إنما متعة العفريت وأصدقائه من أهل الجان أن يتلذذوا بما أنا فيه الآن من رعب ووجل، وأنا أترقّب ظهورهم بين لحظة وأخرى.. وهمستُ فيما بيني وبين نفسي .. لن يظهروا.. أجل.. لن يظهروا لأظل أنا منكمشًا هنا حتى الصباح..
وداد شكري».. امرأة في بداية الثلاثينيات متوسّطة الجمال، ومع ذلك تشعر داخل ذاتها أنها تمتلك جمالًا خارقًا لتكتسب ثِقًة في نفسها أكثر مما ينبغي.. مُحجّبة.. " لا تسلّم على أحدٍ بيدها على الإطلاق.. إلا المدير العام.. وكأن سعادته من الأشراف أو من أولياء الله الصالحين.. تتحدّث مع الجميع بغطرسةٍ.. والجميع يعملون لها ألف حساب.. دائمًا تتردد على لسانها جملةٌ واحدةٌ حتى صارت لازمة تُعرَفُ بها "أنا بعون الله أستطيع أن أفعل كذا...
تثور لأقل سببٍ وتدخل للمدير العام وهي تلقي في وجهه بالاستقالة.. وتُقسِمُ ألا تعود ثانية.. ويظلّ المدير العام يحايلها ويَعِدُها بزيادة راتبها حتى ترجع في القَسَمِ الذي أخذته على نفسها..
لم يَدُر بيني وبينها سوى حوار واحد عندما ركبتْ معي في سيارة البنك وراحت تقول:
هذا المدير لا يفقه شيئًا على الإطلاق.. لولاي لخرب هذا البنك منذ سنين.. قريبًا سأترك له البنك مخروبًا على رأسه.. هذا الإمّعة الحقير.. فأنا بعون الله أستطيع العمل بمجرّد ترك هذا البنك في أفضل بنوك الإمارات..
ولم أدْرِ ماذا أقول لها.. لو دافعت عن المدير ستأخذُ منّي موقفًا عدائيًّا. وربما تثير المدير ضدي، ولو وافقتُها على رأيها سيسرع «ميسرة» السائق بإبلاغ رأيي إلى المدير..